اللقاء السادس: أمومة أكثر فاعلية

أهلًا بالأمهات ..

في لقائنا الأخير تحدّثتنّ مع أ.نسيبة حول صناعة الأمّ القويّة ،

عن بناء الذات ، والهروب من دوّامة الإستنزاف إلى منصّة السيطرة ..

في قصة قصيرة حكت لنا أ.نسيبة عن سيرة أنثى تخلّت عن دائرة اهتماماتها

وانتقلت إلى دائرة اهتمامات زوجها حين تزوّجت ،

ثمّ زحفت إلى دائرة أبنائها .. وأصبحت في برزخٍ بين زوجها وأبنائها تاركةً دائرتها شاغرة !

حينها .. إمّا أن تبقى هُناك بدافع الحب والإخلاص ،

مع كثير من الشكوى والتذمّر ،

أو .. لا تحتمل الضغوط فتنسحب انسحابًا كاملًا ،

تلتفت لنفسها فقط و وتترك أسرتها للإهمال والفوضى .

هُنا .. تُذكرنا أ.نسيبة بالأصل : عودي إلى دائرتك !

فهذه أوّل خطوة للاهتمام بأسرتك ، بلا استنزاف.

ستختفي كثيير من المشاكل حين تهتم الأم بنفسها ،

لأن بعض المشاكل حلّها أن تكون الأم قوية فحسب.

فما أخبار دائرتك إذًا ؟ متى كان آخر عهدك بها ؟

حسنًا .. دعينا نُقرّ أن الضغوط غالبًا ستلاحقنا إلى قعر دوائرنا ..

فكلّ الأمهات يتعرضن للضغوط .. ربّة منزل / موظفة / طالبة .. أيّا كنتِ.

وأعرف أننا نستطيع كتابة قائمة طويلة من الضغوطات ونتنافس أيّنا أشدّ دهسًا تحتها.

أمّا إن أردنا الوصول للجَوهر ، فمن أكبر مسببات الضغوط هو : عدم وجود بناء ذاتي قوي .

الذي عرّفته أ. نسيبة أنه اهتمام الأم بتقوية نفسها داخليًا من خلال إدراك إيجابيّاتها وسلبياتها ، وتحديد أهدافها وماذا تريد .

وإن كنتِ تتساءلين عن متانة بنائك لذاتك ففتشي في نفسك عن علامات ضعف البناء الذات التالية :

الرغبة الملحة في الحصول على اهتمام الآخرين وثنائهم

إلى حدّ أن يكون ذلك هو الدافع لتصرفاتها / مشترياتها /  والخدمات التي تقدمها.

التفكير في الآخرين معظم الوقت ، فلا يشغل الذهن إلا مافعلت فلانة وما صنعت علّانة

الحديث عن الأشخاص بدلًا من الحديث عن الأفكار

استخدام أسلوب المقارنة الخفي

ضعف الدور الحياتي ( زوجة ضعيفة / أم ضعيفة / موظفة ضعيفة … )

الشكوى من الظروف و الوقت ، وممارسة دور الضحية.

– اتباع اُسلوب النقد وملاحظة السلبيات

– الافتخار بالممتلكات وكثرة الحديث عن الماديات .

– الاعتقاد بأن السعادة فيما يمتلكه الآخرين.

– افتقاد الدافع الذاتي للالتزام والتطوير ، الحاجة إلى  مشجع خارجي

– عدم الاستمتاع بالوحدة

قد تتفاوت شدة هذه الصفات فيك ،

فإن وجدتِ في نفسكِ  إحداها – أو أكثر – فابذلي وسعك لتقويمها ،

وقبل أن نقفز إلى الحلول ، نذكركِ بمعيقات التطور لتتأكدي من تجاوزها قبل أن تبدئي التغيير :

– التكاسل ، النفس تميل دائمًا إلى الراحة والخمول ، مالم تروّضيها فستغلبك حتى يدفنك ركام الكسل .

– التأجيل ، الوقت المناسب لن يأتي أبدًا .

– التشاغل ، حجج الوقت الضيق والاتزامات اللامنتهية !

في كل مرة تجدين نفسك تتراجعين إلى الوراء تساءلي أيّ من هذه الثلاث يُعيق تقدمك ؟ ثمّ ادهسيه وتقدمي!

أهلًا .. فلنكمل حيثُ وقفنا ، عند البناء الذاتي ..

وبما أنه بناء فلابد أن يكون له لبِنات ،

مما يعينكِ على رفع اللبنات بعضها فوق بعض هو أن تدركي إمكانيّاتك ، وتضعيها نصب عينيك لترفعي تقديرك لذاتك ،

في لحظة صفاء وتجلّي .. فكّري :

– ماذا وهبني الله من نعم تسهّل علي ؟ ( شهادة / عاملة / موهبة / قرب الأهل / تعاون الزوج … )

– ماهي إيجابياتي وسلبياتي ؟ انشغلي بسلبياتك لتطوري نفسك بدلًا من الإنشغال بالآخرين ( تذكري علامات ضعف البناء الذاتي ! )

– ماهي أهدافي ؟ ماذا أريد ؟ وماهي رؤيتي في الحياة ؟

– ماهي إنجازاتي ؟ وتذكري : إنجاز الأم هو ما تراه بعينها إنجازًا ، لا بعين الآخرين . ولا تستحقري أن تُسمّي طبق صغيرك الفارغ بعد الغداء : إنجاز!

اعتبري معرفتك بتلك النقاط هي المعوَل الذي ستستخدمينه للبناء ..

وأمّا اللبنات فهي الجوانب التي ترعَينها وتعملين على تقويمها في ذاتك ( أركان الذات ) ، وهي 8 :

– الجانب الإيماني 

بكل مافيه من عبادات وروحانيّات ،

إضافةً إلى احتساب الأجر في الروتينيات والواجبات و استشعار البعد الإيماني فيها ،

وإدراك معنى العبادة كطاقة روحية إيجابية تستمد منها الأم القوة .

اعتبري الصلاة جزءًا من وقتك الخاص ، الوقت الذي تعيدين فيه شحن ذاتك ، فلا تسمحي لهذا الوقت الثمين أن يمر هدرًا بين غداء على النار و طفل يستحم ! بل امنحيها تركيزك وصفاوة ذهنك لتكون لكِ المعين .

•الجانب الصحي (الجسدي)

لا تنتظري المرض فلا أحد سيهتم بك سواك ، ثقفي نفسك وأوجدي حلول تمكنك من الاعتناء بنفسك رغم ازدحام المسؤوليات ،

ومن ذلك أن تمارسي رياضتك في البيت ، أو تشتركي في خدمات متابعة الوزن واللياقة التي تصلك حيث أنتِ ، كالتطبيقات والمواقع التالية :

– •DAREBNI

•تطبيق سعراتي

•تطبيق Wamda

•myfitnessfal

•مدونة زبادي

•الجانب التعليمي والثقافي (العقلي)

تعلمك الثقافة إدارة الضغوط ، التعامل مع نفسك ، إدارة مشاعرك ، حل مشاكلك.

مايقرأ و مايُسمع يغير من التفكير ، و بالتالي من السلوك ،

ثم ردات الفعل تجاه المشاكل والمستعصيات ، ما يوصل إلى الرضا ،

فاستثمري عصرك واستغلّي ما يتوافر على الشبكة من مصادر وخدمات تساعدك لترفعي ثقافتك وأنتِ بين أبنائك ، مثل :

– منصة رواق

– تدرّب

– قارئ جرير

– E tadreeb

ولايمكن أن نتجاهل أثر مواقع التواصل الاجتماعي على تشكيل ثقافتنا ، فاحرصي أن يكون ٧٠٪ منها مفيد وملهم ،

ومن الحسابات المُقترحة :

– سناب شات د.هند

– تويتر د.أسامة الجامع

– انستغرام سارة الوحيدي

•الجانب الاجتماعي :

هذا الجانب مرتفع غالبًا عند النساء ، وقد يطغى على غيره بكثرة الزيارات والارتباطات والمناسبات ..

و تطويره يكون بـ : انتقاء بيئة إيجابية مثمرة ، تعلّم مهارات التعامل مع الشخصيات المختلفة ،

رسم الحدود في العلاقات ، تكوين مكانة اجتماعية راقية.

•الجانب العملي (وظيفة أو دراسة أو ربة بيت)

•الجانب المالي ، تحقيق التوازن المالي بين الادخار والاستثمار والصرف

•الجانب الترفيهي :

وهذا الجانب لا يتحقق في الذهاب للأعراس وتلبية الدعوات ، ذلك الجانب الاجتماعي ،

أما الترفيهي فهو ماتحتاجينه لتسترخي ، وتستمعي ، وتنسي ضغوطاتك وهمومك ،

كما أنّ هذا الجانب ليس مضيعة للوقت ، ولا يشمل تصفح الجوال ،

تحتاجينه كل يوم .. ولا يلزم أن يكون ملف ولا حتى خارج المنزل ، بل يمكنك أن تحصلي عليه بين أربعة جدران .

المهم أن لاتنتظري أن تُتنزف طاقتك في يوم طوييل ومنهك لتلتفتي إلى نفسك آخره باحثة عما يساعدك لتنفضي عناء ذلك اليوم ، وغالبًا سيسقط رأسك على المخدة قبل أن تفعلي ،

بل أقحميه في أول يومك وأوسطه وآخره ، ولو ١٠ دقائق صامتة تسرقينها لنفسك بعد مهرجان الغداء . وأخرى قبل استيقاظ الصغار ، حتى لا تصلب إلى الإنهيار وفقدان السيطرة .

•جانب خدمة المجتمع ، من تطوع بجهدك أو علمك

مرحبًا بكِ مجددًا ..

تنبيه قبل أن نبدأ رسالة هذا الأسبوع  :

تصحيح لخطأ في الرسالة الماضية ..

حساب سناب شات المذكور هو ليس للدكتورة هند القحطاني

بل د.هند عناية وأفكار وهي شخصية مختلفة ،

فاعذروا الخطأ واسمحوا لي أن أعلقه على شمّاعة الأمومة التي تُصادر بعض قدراتنا العقلية أحيانًا

المهم .. أين توقفنا؟

دعينا ننتقل إلى الحلول والخطوات العملية التي ذُكرت في اللقاء لتصبح أمومتنا أكثر فعالية وسهولة ..

نعرف أن تحجيم الضغوط وإدارتها يكون بردّة فعلنا تجاهها ،

إن لم نستطع أن نتحكم بالظروف فنستطيع دائمًا أن نتحكم بانفعالاتنا ، أليس كذلك ؟

– والكلام دائمًا أسهل من الفعل بالطبع –

لتسيطري على انفعالاتك وغضبك تعرفي أولًا على مسبباتهما ، مالذي يغضبك أو يثيرك ؟

فكري في مشهد صغيرك يسكب الدقيق على أرضية المطبخ التي كانت لامعة قبل ٥ دقائق ..

هل يغضبك اتساخ الأرض ؟ أم نسيانك أن تحفظي الدقيق في مكان آمن ؟ أم فضول صغيرك وحبه للاستكشاف؟

ثمّ استخدمي قانون الاختيار : أغضب أو لا أغضب .

عوّدي نفسك أن تتوقفي لثانية واحدة قبل أن تُطلقي ردة الفعل . أيًّا كانت .

هذه الثانية ستمنع كثير من ردود الفعل المبالغ فيها والقاسية على صغيرك و وعلى أعصابك.

في هذه الثانية قيّمي الموقف هل يستحق أو لا يستحق ،

وحاولي أن تدفعي نفسك إلى التفاعل البارد الهادئ.

تبدو تلك ثانية طويلة جدًا لكنها مفيدة جدًّا لجميع الأطراف.

خصصي جزء من يومك لتدليل نفسك .. اكتبيه في قائمة مهامك وخططي له كما قلنا في الرسالة الماضية ،

ولتستطيعي إيجاد هذا الوقت عليكِ التخلص من المثالية والرغبة بالسيطرة على جميع الأمور ،

فوّضي غيرك أو اطلبي المساعدة لإنجاز المهام ولا تحاولي أن تكوني الأمّ الخارقة.

ولتساعدي نفسك أكثر لتسيطري على انفعالاتك فتأكدي من وضعك الصحي ،

فبعض الأمراض أو نقص بعض العناصر قد يسبب صعوبة السيطرة.

احتسبي الأجر دائمًا ، وقوّي علاقتك بالله تعالى ،

فنحنُ نبذل الجهد لإحسان التربية ولو لم تلمسي نتائج مرضية ،

لأن الأجر من الله لا من غيره.

أخيرًا تجاهلي رأي الآخرين وقللي من أهميته ،

فاهتمامك به يكون إما لتصديقك إيّاه أو لشعورك أن رأيهم يأتي بدافع السيطرة ،

وكلاهما يثير سخطك ويستفزك.

ارسمي حدود واصحة حول علاقتك مع الآخرين ، وتعلّمي مهارة التعامل مع النقد.

لأمومة أكثر فعالية .. اجعلي خطواتك استباقية قدر استطاعتك ، بالتخطيط والتنظيم الجيد :

  الجداول التنظيمية والقوائم مُسبقة الإعداد ( قائمة الوجبات – المشتريات – جداول التنظيف … )

– الإعداد المسبق لكل مايمكن إعداده بعيدًا عن أوقات الذروة كوقت الخروج للمدارس أو وقت الغداء ( تحضير الوجبات – الملابس – الحقائب … )

– الاستعداد للطوارئ بحقيبة طفل فيها كل مستلزمات الخروج ، أو وجبات مفرزنة تناسب أعمار أطفالك ، ونحو ذلك.

– تنظيم أوقات النوم والوجبات والالتزام بها فهي أوقات مفصلية تحدد مسار اليوم كاملًا .

– استشيري المختصين حول مايواجهك من صعوبات بدلًا من سؤال من يساويك في الخبرات من محيطك ( استشارات النوم / الرضاعة الطبيعية / التربية … )

– أعدّي الأجهزة الإلكترونية بتقنيات التحكم والتقنين لتكون جاهزة وآمنة حال اضطرارك لاستخدامها مع صغارك ( حذف يوتيوب واستبداله ببرامج التحميل / مؤقت إغلاق التلفزيون من STC برودباند كنترول / جهاز Apple TV / تطبيقات القصص )

– إعداد حقيبة للأنشطة والكتب للرحلات والسفر وفي السيارة ، واحرصي على تجديدها بشكل دوري لئلا تفقد بريقها .

– توزيع المهام والمسؤوليات على أفراد الأسرة كلٌّ حسب ما يناسب عمره ، وتابعي قيامهم بالمهام إلى أن يتقنوها.

– علّمي أفراد أسرتك الاستقلالية ، سواءً دراسيًّا أو في حياتهم بشكل عام ، فلا يعتمد نجاحهم أو آداءهم على وجودك ومتابعتك.

– استعيني بكل ما قدمه لنا عصر التقنية من أجهزة لتسهيل الحياة ( غسالة الأواني / كوّايات بخار / أجهزة تغليف الأطعمة / كاميرات مراقبة … )

– تسوّقي في الأسواق  الإليكترونية بدلًا من الواقعية لتسوق أسرع وأسهل.

– استخدمي تطبيقات إدارة المهام لتساعدك على ترتيب أفكارك وتنظيم مهامك.

في رسالتنا القادمة سنحاول جمع مصادر تساعدنا في طريق الأمومة الطويل ..

أخبرينا عن المصادر التي استفدتِ منها من تطبيقات أو منتجات أو شخصيّات لنضيفها في رسالتنا القادمة

ننتظر إثرائك لمحتوانا ..